وحقوق الأنسان، وقضايا المرأة والبيئة.
يجمع بين التجربة العملية التنظيمية مع مختلف المنظمات الوطنية والدولية والقدرات الفكرية والتحليلية
مداخلة قدمت في مؤتمر سياسة الجوار الإيرانية: فهم النهج متعدد الجوانب بين الشرق والغرب الذي نظمه معهد الدراسات الإقليمية، إسلام أباد 25 تموز 20222
ان اي نظام سياسي يعمل على حفظ مصالح الدولة والبنية الفكرية التي ينطلق منها، والنظام الإيراني يعمل بالأساس على حفظ مصالح الدولة الإيرانية المتمثلة في اعادة امجاد الإمبراطورية الفارسية. فالنظام السياسي في إيران قائم على سيطرة البرجوازية البيروقراطية المتمثلة بفئة رجال الدين الذين يتحكمون بالدولة من خلال توظيف المشاعر الدينية من جهة، ومشاعر معاداة الغرب من جهة أخرى كما يستثمر بالاتجاه نفسه مشاعر إعادة امجاد الإمبراطورية الفارسية في تعميق الالتفاف حول السلطة، تلك الامبراطورية والتي امتدت على أجزاء واسعة من الشرق الأوسط لفترات تاريخية مختلفة والذي يعد بالنسبة لنخب السلطة وبعض الأوساط المقربة منها، مبررا تاريخيا لإعادة تلك الامجاد.
حيث تقوم العقيدة الإيرانية على محاولات التدخل والتوسع، وهذا الأمر ليس حديثا، كما انها ليست فقط مرتبطة بالوجود الغربي بالمنطقة رغم ان هذا الوجود ساهم بتغذية تلك العقيدة ومنحها المزيد من الذرائع والمبررات لذلك، وهي بذلك تستقطب بعض المعادين للإمبريالية والغرب رغم تقاطعهم بالوقت نفسه مع العقيدة السياسية الإيرانية القائمة على الدولة الدينية وولاية الفقيه.
لقد ساهم شعار تصدير الثورة الإسلامية الذي تبنته السلطة الجديدة في إيران ابان الثورة الإيرانية عام 1979 كما ساهمت طموحات السلطة الدينية الجديدة في إيران وطموحات السلطة الفاشية في العراق في نشوب حرب بين البلدين دامت ثمان سنوات.
ولتفسير التوسع الإيراني في المنطقة يجب فهم عوامل ذلك التوسع في مناطق الشرق الأوسط، والتي تقوم على ثلاث عوامل أساسية:
العامل الاقتصادي
حيث يشكل هذا النفوذ إمكانية لتنشيط الاقتصاد الإيراني بما يوفر فرص لتسويق البضاعة الإيرانية امام العقوبات الغربية على إيران، بالإضافة لما يشكله من فرض للحصول على استثمارات، بالتعاون مع الأطراف المسلحة هناك التي تدير تلك المصالح وتحافظ عليها. من خلال سلسلة من عمليات الفساد.
ان تعطيل عجلة الاقتصاد الإنتاجي يزيد من حجم الفئات الاجتماعية التي تنخرط بالإنتاج الهامشي او التي تكون مستعدة للانخراط بفصائل مسلحة تعود ميزانيتها لتلك الدول اما ولائها فلإيران، كما ان تعطيل عجلة الإنتاج يحول دون وضوح تباين المصالح الاقتصادية والاجتماعية للحيلولة دون ان تطغى على الولاء الطائفي الذي يوظف في خلق اتباع للمليشيات المسلحة باستمرار.
العامل العسكري: –
يشكل النفود العسكري أحد عوامل ضمان الامن القومي الإيراني والذي يتمثل بإمكانية تقوية الجماعات والمليشيات المسلحة التي ترتبط بإيران. هذه المليشيات تلعب دورا مهما في حفظ الامن القومي الإيراني على عدة اصعدة فمن جهة، تعمل على حماية المصالح الإيرانية بالمنطقة، كما انها تشكل عامل تهديد للمصالح الغربية في المنطقة في حالة تعرض إيران لأعمال عسكرية غربية وبالتالي تشكل عامل ضغط ينذر بدخول المنطقة بحرب مفتوحة في حالة تعرض إيران لاي عدوان غربي، من جهة أخرى، إذا ما تم التعامل مع تلك الفصائل عسكريا ستكون بعيدة عن الأراضي والمصالح الإيرانية.
فالعراق يعد ساحة للصراع بالنيابة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وإيران بشكل أساسي وساحة نفوذ لكثير من القوى الإقليمية، لذا ترتبط كثير من الجماعات المسلحة بإيران باعتبارها الذراع الضاربة، ومسؤولة مباشرة عن ضرب القواعد الأمريكية بالعراق، رغم أن هذه الجهات تعمل تحت عباءة الحشد الشعبي الذي يرتبط من الناحية القانونية بالحكومة لكنه من الناحية الفعلية فصائل متفرقة لها ولاءاتها الطائفية والحزبية الخاصة ولا تخضع لأي سلطة للدولة وهي بالأساس ولائها للسلطات في إيران.
العامل السياسي
ان عدم الاستقرار السياسي والتدخل الغربي بالمنطقة ودعمه لبعض الأنظمة بعيدا عن مبادئ الديمقراطية والحرية التي ينادي بها الغرب ساهم بزيادة دور إيران بالمنطقة، كما ساهم الموقف من القضية الفلسطينية في إيجاد دور أكبر للجماعات المسلحة، والتي تفرض وجودها في السلطة فمن الصعب تخيل وجود فصيل مسلح خارج السلطة ما لم يدخل بصراع عسكري معها لذا فالقوى السياسية لا تمتلك خيار الا باشراك تلك الفصائل بالسلطة.
ان النظام الإيراني الساعي للنفوذ والتدخل بالمنطقة من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، كلاهما يتبادلان الدور ويمنح كل منهما المبرر لوجود وتدخل الاخر. لذا فان كلا الطرفين يعملان على توظيف عدم الاستقرار ويلعبان الدور نفسه في تغذية الفوضى واضعاف دور الدولة الوطنية وتكريس الولاءات الطائفية والإقليمية
رغم ان التدخل الإيراني بالمنطقة اتخذ شكل الجماعات المسلحة العقائدية التي ترتبط بشكل او باخر بولاية الفقيه، والتي ترى في النظام الإيراني عمقها العقائدي والنموذج السياسي الذي تسعى له رغم البرغماتية السياسية المحلية التي تمارسها بسبب اختلاف التركيبة المذهبية لدول مثل العراق وسوريا ولبنان عن إيران.
ان هذا التدخل لم يخدم الجماهير التي تنتمي للمذهب الشيعي بأي من الدول التي تتدخل فيها إيران، لا بل ان أوضاع الجماهير الشيعية في العراق ولبنان تعد اسوء من أوضاع المنتمين للمذاهب الأخرى وهذا يعود بالأساس، لان هذا التدخل يراد منه توظيف المشاعر المذهبية بما يخدم أطماع القيادة الإيرانية بإعادة امجاد الإمبراطورية الفارسية على حساب مصالح الجماهير الشيعية المسحوقة.